تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
لقاءات في دور القوات المسلحة والحرس الوطني
24052 مشاهدة
الوصية بشكر نعم الله تعالى والتحذير من كفرها

فمن شكر نعمة الله، واعترف بأنها فضله، وأنها لا تدل على شرف، ولكن تدل على الابتلاء والاختبار، فأدى حق نعمة الله تعالى، أدى حق الله تعالى، وشكر نعمته، فإن ربنا سبحانه سيزيده من فضله، قال الله تعال: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ فأخبر بأن مَنْ شَكَرَ الله فإنه سبحانه يزيده مما أعطاه من خير الدنيا والآخرة ، يزيده من الخير الذي هو السَّعَة في الرزق، والذي هو الصحة في البدن، والذي هو إكثار المال والولد، والذي هو الحياة السعيدة المطمئنة.
وأَمَّا إذا كفر نعمة الله، فإنه حَرِيٌّ أن يُسْلَبَهَا أَحْوَجَ ما كان إليها ، كما وقع ذلك لكثير من الذين كفروا نعمة الله، كما حكى الله، ذكر الله عن قوم هود الذين هم عاد أَنَّ الله مَدَّ لهم، ووسع لهم، وزادهم في الخلق بَسْطَةً، ومَكَّنَ لهم كما في قوله تعالى: أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ فماذا أغنت عنهم قوتهم؟!! لما أنه هددهم بالعذاب قالوا: مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً في نظرهم أنه لا أحد يغلبهم؛ لأن الله زادهم في الخلق بسطة، ولأن الله أعطاهم قوة، فظنوا أن قوتهم مانعتهم: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ فأخذهم الله تعالى، وأرسل عليهم ريحا، مجرد ريح ! ولكنها ريح شديدة: تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ فهؤلاء الذين تكبروا، وتجبروا، أمرهم يسير! لا يُقَاوِمُون أدنى قوة من قوة الله تعالى، فنخشى أن يكون ما نحن فيه استدراجا، كما جاء ذلك في حديث: إذا رأيت الله يُعْطِي العبد وهو مقيم على معاصيه فاعلم أنه استدراج يعني قول الله تعالى: سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ يعني: يُمْلِي لهم، وجاء في الحديث: إن الله لَيُمْلِي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْهُ. وقرأ قول الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ .
فعلى هذا نوصيكم أيها الإخوة بشكر نعمة الله تعالى، وبإحسان عبادته، بعبادته وحده، وبالاعتراف بنعمته وفضله، والاعتراف بأنكم إذا شكرتم الله فإنه سيزيدكم من فضله، وأنَّ شُكْرَهُ هو عبادة. أمر أو أوصى النبي صلى الله عليه معاذا أن يقول في دُبُرِ كل صلاة: اللهم أَعِنِّي على ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عبادتك هكذا أخبر، أَعِنِّي، يعني: قَوِّنِي على شُكْرِكَ، وقَوِّنِي على ذكرك، وعلى حُسْنِ عبادتك، أي: أنَّ من أعانه الله تعالى فإنه يكون من الشاكرين، وأما مَنْ وَكَلَهُ إلى نفسه فإنه قد يكون من الكافرين، يعني: الكافرين لنعم الله، والمنكرين لها.